أبرز الأخطاء عند التسويق بالمحتوى

 

يعود التسويق بالمحتوى بالعديد من المكاسب على الشركات والمؤسسات والأفراد، فمن شأنه أن يساعد في تعزيز وجود العلامة التجارية عبر الإنترنت، وترسيخ التواصل مع العملاء بطريقة مُجدية، وزيادة الإيرادات، وغير ذلك من المزايا. ويمثل التسويق بالمحتوى جوهر التسويق الرقمي، إذ إن المحتوى يشكل فرصة هائلة لتكثيف الزيارات للموقع والمتجر الإلكتروني وتشجيع حالات تحويل الزوار إلى مشترين. ووفق منصة “سمارت إنسايت”، فإنّ 69% من الشركات العاملة في قطاع التعامل التجاري بين مؤسسات الأعمالB2B  في أميركا الشمالية أفادت، في عام 2021، بامتلاكها استراتيجية مكتوبة للتسويق بالمحتوى. وفي حين يبرع كثير من المسوّقين في استخدام التسويق بالمحتوى على نحو يحقق لهم بدقة الأهداف التي تنشدها شركاتهم، تشيع بين عدد منهم الكثير من الأخطاء في تطبيق التسويق بالمحتوى بما يقلل من جدوى جهودهم ويَحِدّ على نحو بالغ من المكاسب المحتملة التي يمكن أن يحصلوا عليها.

فيما يلي بعض من هذه الأخطاء الشائعة في التسويق بالمحتوى التي يجب تجنّبها كي يتسنى تحقيق أقصى قدر من المكاسب منه:

عدم إنشاء محتوى “متجدد دائمًا”

هل تستخدم محتوًى متجددًا دائمًا “”Evergreen Content في حملاتك التسويقية؟ إذا كانت إجابتك بالنفي، فلتعلم أنّ عدم توظيف هذا النوع من المحتوى يعد خطأً لا يغتفر! المحتوى المتجدد دائمًا هو محتوى مصمم ليلائم محركات البحث ويتصف باستمرارية الجدوى للقراء على مدى فترة طويلة من الزمن، ولا يبلى مع مرور الوقت، كما يوحِي الاسم. بل إنه يحقق لمنشئ المحتوى نوعاً من استدامة حركة الزائرين عبر الإنترنت مع تزايُد حركة البحث بمرور السنوات. وخير مثال على ذلك تدوينة بعنوان “5 طُرق لفقدان الوزن دون اتّباع حمية غذائية”؛ إذ إن الأشخاص سيرغبون في إنقاص أوزانهم في عام 2010 بمثلما سيفعلون في عام 2030، وهذا أمر يجعل تدوينة تتضمن هذا النوع من المحتوى صالحة وذات جدوى للمستخدمين لفترة زمنية طويلة. وفي ضوء ذلك، فإنك تُهدر، في واقع الأمر، فرصًا هائلة لتعزيز وجودك عبر الإنترنت إذا لم تكن تستخدم المحتوى المتجدد دائمًا في استراتيجيتك للتسويق بالمحتوى.

ولتحقيق أقصى قدر من المحتوى المتجدد دائمًا، يمكن لهذه النصائح أن تفيدك:

  • اكتب المقالات والمدونات الإرشادية والتعليمية التي تعالج القضايا والمشكلات الشائعة في مجال تخصصك.
  • ادعم مقالاتك وتقاريرك بالمعلومات الكافية والبيانات الوافية بما يمنحك ثقة المستخدمين والزوار.
  • اعمل على إنتاج المحتوى المرئي المتجدد دائمًا، مثل الرسوم البيانية والمصورة والإنفوجرافيك؛ إذ يفضّل الأشخاص، في الغالب، الاطّلاع على الصور البصرية بدلاً من النصوص المكتوبة.

الافتقار إلى استراتيجية موثقة للتسويق بالمحتوى

وفق “معهد التسويق بالمحتوى”، فإنّ من المرجح إلى حدّ بعيد أن يحقق المسوّقون الذين يوثقون استراتيجيتهم للتسويق بالمحتوى أهدافهم الخاصة بالتسويق وأن يدركوا النجاح الذي يصبون إليه. الأمر بهذه البساطة!

ولكن ماذا تعني استراتيجية التسويق بالمحتوى الموثقة؟

هي خطة تحدد الأهداف التجارية التي تريد تحقيقها عبر المحتوى والنهج الذي ستتخذه لتحقيق مبتغاك. وتتضمن استراتيجية التسويق بالمحتوى الموثقة سبع ركائز أساسية تتمثل في ما يلي:

    • الغرض: التحديات التي تواجه شركتك وأهدافها التي تبتغي تحقيقها.
    • هوية العلامة التجارية: صوت علامتك التجارية وشخصيتها.
    • العملاء: معلومات العملاء المستهدفين.
    • وتيرة النشر: خطتك لنشر المزيد من المحتوى.
    • التوزيع: استراتيجيتك لجذب الزوار للاطلاع على مقالاتك.
    • القياس: مؤشرات الأداء الرئيسة التي ستقيسها لتتبّع النجاح المحرز.
    • التكنولوجيا: الأدوات التي ستستخدمها لتنفيذ استراتيجيتك.

الفشل في الوصول إلى “الوضعية المواتية” للمحتوى

كي يتسنى لك نشر المحتوى الذي تنتجه بين جمهورك المستهدف بالقدر الكافي، يجدر بك الوصول إلى “الوضعية المواتية” التي تتداخل فيها القيمة التي يقدمها المحتوى الذي تنشره مع اهتمامات المستخدمين ومشكلاتهم. لأنك إذا أخفقت في هذا الأمر، فسيصبح المحتوى الذي أنتجته مملًا وعاديًا. وتذكّر أن إنشاء محتوى مكرر أو عادي للغاية أو باعث على الملل من شأنه أن يُسفر عن آثار وخيمة على علامتك التجارية وأن يفضِي إلى نتائج مخيّبة في جانب المبيعات. وفي حال لم تكن تتّصف بالخبرة المطلوبة لإنشاء محتوى جاذب ومشوّق، فلا بأس بذلك، إذ إنه بوسعك البحث والتنقيب في المصادر المتوفرة والمثابَرة في السعي للتعلم واكتساب المهارات اللازمة التي تتيح لك صناعة محتوى ممتع وقيّم يحقق لك أهدافك المنشودة.

هذه إرشادات من شأنها مساعدتك في صناعة محتوى يحقق هذه “الوضعية المواتية” التي تجمع بين القيمة والمتعة:

  • احرص على انتقاء العنوان على نحو “يشِدّ” انتباه الجمهور ويساعد في إقناعهم بقراءة المحتوى الذي تنتجه.
  • احرص على انتقاء الموضوعات التي من شأنها تحقيق المتعة والقيمة لجمهورك المستهدف.
  • لا تصنع المحتوى وكأنك مندوب مبيعات! لقد ضاقَ الناس ذرعاً بكثرة الإعلانات، ومن شأن المحتوى الإعلاني أن يكون مصدر إرهاق وإزعاج لهم.
  • احرص على إثراء المحتوى النصيّ بالوسائط عبر إدراج البصريات والمرئيات، إذ إنها تحثّ الكثير من المستخدمين على الاستمرار في القراءة والشعور بالإفادة في فهم النصائح واستيعاب التوصيات والإرشادات في المقالات والمدونات التعليمية وأنواع المحتوى الأخرى.

عدم كفاية المحتوى الذي تنتجه

ما هي الوتيرة التي تنشر بها محتوى جديدًا على شبكات التواصل الاجتماعي أو على مدونتك التجارية؟ تُظهر الأبحاث أنّ المدونات والشركات التي تنشر منشورات بوتيرة أكبر من غيرها تحقق نتائج أفضل بالمقارنة مع غيرها. لذا، يتعين عليك رصد أفضل الممارسات في هذا المجال والحرص على تطبيقها. ووفق منصة “هابسبوت” HubSpot))، تحظى الشركات التي تعمل على نشر ما يزيد عن 15 منشورًا في اليوم بأكثر من ثلاثة أضعاف العملاء الذين تحصل عليهم الشركات التي تكتفي بنشر 0-4 منشورات في الشهر. لكن السؤال هنا: هل يعني هذا أن النجاح في تحقيق أهداف التسويق بالمحتوى يتعلق – من ضمن العوامل الأخرى – بمقدار ما تنتجه من محتوى؟ الإجابة يقدمها الاستطلاع السنوي الرابع للمدوّنين، الذي أظهرت نتائجه أن المدوّنين الذين كانوا ينشرون بوتيرة أكبر حققوا نتائج أبرز. من هذا المنطلق، من شأن عدم كفاية المحتوى الذي تنتجه أن يكون سببًا رئيسًا وراء فشلك في تحقيق أهدافك المرجوّة من التسويق بالمحتوى. ويتمثل حل هذه المعضلة، في واقع الأمر، في صناعة المزيد من المحتوى. وعلى الرغم من أنه أمر يتطلب قدرًا من الموارد، إلا أنه استثمار لا بد من الإنفاق عليه.

عدم تتبّع النتائج المحرزة

تقع الكثير من الشركات والمدونات في خطأ استراتيجي يتمثل في عدم قياس النتائج المترتبة على المحتوى الذي تنشره. إذ إنها تنتج المحتوى وتنشره من أجل النشر بلا غاية محددة، وتفتقر إلى مؤشرات واضحة لقياس أداء هذا المحتوى. وينظر خبراء التسويق بالمحتوى إلى تتبّع النتائج المحرزة بصفته أمرًا في غاية الأهمية لأنه يبيّن نوع المحتوى الذي يحقق مستوًى أعلى من الأداء، فضلًا عن بيان أنواع المحتوى التي تتطلب جوانبها التحسين. وفي هذا الشأن، تتوفر العديد من الأدوات المفيدة في تتبّع النتائج التي يحرزها التسويق بالمحتوى، تعد أشهرها وأكثرها فاعلية “جوجل أناليتكس” (Google Analytics)، التي تتعقب حركة الزوار وتعرض تقارير مفصلة بشأنها.

سوء توظيف المصطلحات المتخصصة

تتمثل إحدى أسرع الوسائل لصدّ جمهورك المستهدف ودفعه إلى التوقف عن القراءة في تحميل المحتوى الذي تنشره بالكلمات والعبارات غير الضرورية أو الإفراط في استخدام الاختصارات والمصطلحات المتخصصة أو إساءة توظيفها. إذ إنها تسلب من محتواك قوته وتأثيره. وبالمثل، يمكن أن يؤدي شرح المصطلحات المتخصصة لجمهور القراء المتخصص إلى شعورهم بإهانة ذكائهم، أو سيؤدي استخدام الاختصارات والاصطلاحات في المحتوى المخصص للمبتدئين إلى توقفهم عن القراءة لأنهم لا يفهمون المصطلحات. فمن المهم في هذا الجانب المعرفة الدقيقة بالجمهور المستهدف، ومستوى ذكائه وإلمامه بطبيعة المحتوى والتأكد من حُسن فهمه له وإدراكه لمضمونه.

الاعتماد الغالب على أتمتة المحتوى

يتيح استخدام الأتمتة في التسويق بالمحتوى ابتكار أفكار أفضل وتحليل أوسع للبيانات، ويمكّنك من تتبع أنشطة الزوار وتحسين فهمك لعملائك. لكن المحتوى يحتاج إلى اللمسة الإنسانية كي يظهر على نحو يعزز صورة علامتك التجارية في أذهان الناس. لذا، فإن الاعتماد الغالب على الأتمتة لإنتاج المحتوى لن يجدي نفعاً، وفي الغالب سينجم عنه تشويه هذه الصورة إذا لم تستخدم أتمتة المحتوى في إطارها الصحيح. إذ يعد إضفاء الطابع الشخصي على التواصل مع الجمهور أحد أبرز اتجاهات التسويق الحديثة، وهو أمر يصعب تحقيقه بالأتمتة في حال عدم استخدامها بطريقة سليمة.

ثمة الكثير من الأخطاء التي من شأنها أن تعمل على الحد من فاعلية التسويق بالمحتوى في تحقيق أهدافه. ولا تمثل الأخطاء الواردة في هذا المقال سوى أمثلة بارزة عليها. غير أنّ هذه الأخطاء يمكن تجنبها بامتلاك المعرفة الصحيحة والفهم السليم ورصد أفضل الممارسات في المجال.